أساليب الاقتراع بين العدالة والفعالية
بن يونس المرزوقي
أستاذ باحث بكلية الحقوق بوجدة
ستعالج هنا الأنظمة الانتخابية المنتشرة بشكل واسع، وذلك من خلال عرض أنواعها، ثم تقييمها وفق الترتيب التالي: الاقتراع الأغلبي وأنواعه؛ تقييم هذا الأسلوب؛ التمثيل النسبي وأنواعه؛ ثم تقييم هذا الأسلوب.
أولا: الاقتراع الأغلبي وأنواعه
يعتمد هذا الأسلوب على قاعدة نجاح المرشح الذي يفوز بأغلبية الأصوات المعبر عنها. ورغم بساطة هذا النظام، فإنه يمكن تقسيمه انطلاقا من زاويتين: عدد المرشحين الواجب انتخابهم (1) أو عدد الدورات اللازمة لنجاح المرشح (2).
- من حيث عدد المرشحين الواجب انتخابهم: من هذه الزاوية يمكن أن يكون الاقتراع الأغلبي فرديا ويمكن أن يكون لائحيا.
- أ – في الاقتراع الأغلبي الفردي يكون هناك مقعد واحد يتم التنافس حوله في الدائرة الانتخابية. ومهما كان عدد المرشحين، فإن الناخبين يختارون واحدا من بينهم، وبناء عليه يتم إعلان فوز المرشح الذي حصل على أغلبية الأصوات المعبر عنها، لذلك يسمى بالاقٌتراع الفردي الإسمي الأغلبي أو الأكثري. وهذه التسمية تعبر بوضوح على أن الناخب يتعامل مع أسماء المرشحين وأن الحائز على أكثرية الأصوات هو الفائز.
- ب – أما الاقتراع الأغلبي اللائحي فيتعلق بالتنافس حول عدة مقاعد ضمن نفس الدائرة الانتخابية الواحدة، والتي تكون عادة أوسع من الدائرة الانتخابية التي يتم التنافس داخلها على مقعد واحد. إن المطلوب مثلا هنا هو التنافس حول سبعة مقاعد، فيتقدم المرشحون أمام الناخبين عن طريق لوائح تجمع كلا منها سبعة مرشحين. وبما أننا دائما في إطار الاقتراع الأغلبي أو الأكثري فإن اللائحة التي حازت أغلبية الأصوات تحصل على كل المقاعد ويتم إقصاء اللوائح الأخرى.ب
- ج – إن استعمال اللوائح يثير بعض الإشكالات التي ينبغي الإشارة إليها. فمن ناحية أولى، فإن جمع عدد معين من الأسماء ضمن نفس اللائحة يستدعي بالضرورة أن تكون هناك روابط مشتركة بينهم لذا، فإن الأحزاب السياسية تلعب دورا مركزيا في وضعها. ومن ناحية أخرى فإن الناخب قد لا يرتاح إلى كل الأسماء الواردة في نفس اللائحة فهل يحق له التصرف فيها؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل تختلف بحسب ما إذا تعلق الأمر باللوائح المغلقة حيث يقتصر دور الناخب على اختيار لائحة واحدة مما يعني أنه موافق على كل الأسماء التي تتضمنها، أو باللوائح المفتوحة أو الممزوجة (حسب الحالة) حيث يحق للناخب إما إعادة ترتيب المرشحين داخل نفس اللائحة او المزج بين أسماء من لوائح مختلفة لتكوين لائحة جديدة. (وسنعود إلى هذا الموضوع بتفصيل أكبر خاصة عند الحديث عن الاقتراع النسبي)
- من حيث عدد الدورات: إن الاقتراع الأغلبي أو الأكثري يمكن أن يتم في دورة واحدة، كما يمكن أن يتم في دورتين.
- أ – إن الاقتراع الأغلبي في دورة واحدة يجعل المرشح (أو اللائحة) يفوز عند حصوله على أكبر عدد من الأصوات لذلك، فإن نسبة الأصوات المحصل عليها لا تؤخذ بعين الاعتبار وبالتالي فإنه ليس هناك أي تحديد مسبق أو نسبة معينة من الناخبين المسجلين.
- ب – أما الاقتراع الأغلبي ذي الدورتين، فيكون الهدف من خلاله فوز المرشح (أو اللائحة) الذي نال الأغلبية المطلقة من الأصوات (أي نصف الأصوات+1)، وإذا لم يتحقق ذلك، يتم إجراء دورة ثانية (بعد مدة معينة) يتم إعلان الفائز فيها حسب أشكال متعددة. ففي أغلب الحالات، لا يسمح بالتقدم للدورة الثانية إلا للمرشحين اللذين نالا أكبر عدد من الأصوات في الدورة الأولى، وهكذا سيتقاسمان أصوات الناخبين في الدورة الثانية حيث سيفوز أحدهما حتما بالأغلبية المطلقة. وطبعا هذا لا يمنع من أن بعض التجارب تسمح لثلاثة مرشحين أو أكثر أو حتى كلهم للتقدم للدورة الثانية حيث يتم الاكتفاء في هذه الحالة بالأغلبية النسبية فقط.
- ج – إن مسألة نظام الدورتين في صيغتها المثلى تتمثل في البحث عن إضفاء المصداقية على المرشحين الفائزين. مثلا هناك دول تفرض أن يتم النجاح في الدورة الأولى بالأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها على أن تكون مساوية أو تفوق نسبة معينة من أصوات الناخبين المسجلين.
ثانيا: تقييم أسلوب الاقتراع الأغلبي
يمكن القول إجمالا أن أسلوب الاقتراع الأغلبي يحقق الفعالية لكنه في جوهره نظام غير عادل. فمن خلال أي مثال تطبيقي يتضح بسهولة عدم عدالة بعض النتائج:
- ففي الاقتراع الأغلبي الفردي ذي الدورة الواحدة، من السهولة بمكان أن ينجح مرشح رغم حصوله أكثرية الأصوات دون أن تشكل هذه الأكثرية نسبة “محترمة” من عدد المصوتين، فبالأحرى من عدد المسجلين. إن المرشح الذي يفوز مثلا ب 10% من الأصوات المعبر عنها يمكن أن ينجح في حالة تعدد المرشحين.
- أما في حالة الاقتراع الأغلبي اللائحي ذي الدورة الوحدة، فالعدالة تكاد تكون منعدمة فكيف نتصور لائحة تفوز بكل المقاعد المتنافس حولها رغم حصولها على أكثرية بسيطة أمام تعدد اللوائح الأخرى؟
- أما بخصوص نظام الدورتين، فإنه أكثر عدالة، ما دام أن المرشح (أو اللائحة) الذي يفوز في الدور الأول ينبغي أن يجمع أصوات الأغلبية المطلقة للناخبين، وأنه في حالة تعذر ذلك، يتم إجراء دورة ثانية بشكل يسمح بتجميع الناخبين حول مرشحين اثنين، وبالتالي حول قطبين سياسيين. إن المرشحين (ومن ورائهم الأحزاب) الذين تم إقصاؤهم في الدور الأول سيعملون على تحويل الأصوات التي نالوها إلى أحد المرشحين الباقيين. وطبعا، عادة ما يكون ذلك لصالح المرشح الأقرب من الناحية السياسية أو الإيديولوجية.
إن هذا النظام يتلاءم بشكل جيد مع المجتمعات التي تعرف التعددية الحزبية، ويفرض على هذه الأحزاب في الدورة الثانية أن تتجمع وتتحالف لإنجاح المرشح الأقرب. ويلاحظ من خلال الممارسة أن كل الأحزاب السياسية تقدم مرشحيها في الدورة الأولى، لكن عند إقصائها تعمل على خلق تحالفات في مختلف الدوائر التي لم يتم الحسم فيها في هذه الدورة، وهذا ما يعطي للعملية الانتخابية ذلك الطابع السياسي الذي تحتاجه في بعض المجتمعات.
ويعبر المختصون على ذلك من خلال الدعوة إلى التصويت لصالح مرشح معين في الدور الأول، وضد مرشح معين في الدور الثاني، وهكذا تتحقق في هذا الأسلوب القعدة التالية” “دورة أولى للاختيار، ودورة ثانية للإقصاء”.
ثالثا: التمثيل النسبي وأنواعه
يعتمد هذا النظام على منح كل هيئة تقدمت للانتخابات عددا من المقاعد يتناسب مع عدد الأصوات المحصل عليها، إن الهاجس الأساسي هنا يتمثل في البحث عن أسلوب يجعل الهيئة المنتخبة تعكس المجتمع بكافة تنظيماته وتوجهاته. إلا أن تطبيقات هذا الأسلوب تختلف حسب القواعد التي يتم اعتمادها مسبقا كما نرى من خلال مختلف أشكاله.
وللإشارة، فإنه على العكس من النظام الأغلبي الذي يمكن أن يكون فرديا أو لائحيا، فإن التمثيل النسبي لا يمكن أن يكون إلا لائحيا. وللإحاطة بهذا الأسلوب ينبغي التمييز بين موضوعين أساسيين: الموضوع الأول يهم توزيع المقاعد على اللوائح (الفقرة الأولى)، وتوزيع المقاعد داخل اللوائح (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: توزيع المقاعد بين اللوائح
إن عملية توزيع المقاعد بين اللوائح المتنافسة تخضع بدورها لعدة تقسيمات حسب موضوعين مرتبطين ومتداخلين في نفس الوقت. إن الجانب الأول يهم المجال الجغرافي لتطبيق التمثيل النسبي (1) والجانب الثاني يرتبط بالمراحل التي تم تمر منها عملية توزيع المقاعد (2).
- من حيث المجال الجغرافي: من هذه الزاوية يلاحظ، أن التمثيل النسبي صالح للتطبيق إما على الصعيد الوطني (أ) وإما على مستوى التقسيمات الجغرافية المحلية (ب).
(أ) ـ التوزيع على المستوى الوطني: يسمى هذا الأسلوب بالتمثيل النسبي المتكامل. فالدولة بأكملها تعتبر دائرة انتخابية واحدة، ولذا، تقدم الأحزاب السياسية لوائحها على الصعيد الوطني، وتضم كل لائحة عددا من المرشحين يساوي عدد المقاعد المتنافس حولها على مستوى الدولة ككل.
وميزة هذا الأسلوب، أنه يسمح تقريبا بتمثيل جميع الأحزاب المتنافسة مهما صغر حجمها، لأنها ستتمكن من خلال جمع الأصوات التي حصلت عليها على الصعيد الوطني للفوز بمقعد أو أكثر. لذا عادة ما يوصف هذا النظام بأنه يشجع على تكاثر الأحزاب السياسية.
ب) التوزيع على المستوى المحلي: على العكس من النظام السابق، يتم هنا تقسيم المجال الجغرافي للدولة إلى دوائر انتخابية واسعة. فقد يتعلق الأمر بالتوزيع على مستوى الجهات أو على مستوى العملات والأقاليم كما هو الأمر بالنسبة للمغرب.
- من حيث مراحل توزيع المقاعد: ينبغي أن نلاحظ في البداية أنه مهما كان النطاق الجغرافي الذي سيتم التوزيع على أساسه، فإنه القاعدة العامة هي أنه ينبغي استعمال القاسم الانتخابي أو الحاصل الانتخابي لتوزيع المقاعد، وبالتالي تحصل كل لائحة على عدد من المقاعد يتناسب مع عدد المرات التي حصلت فيها على هذا القاسم أو الحاصل الانتخابي.
إن هذا الرقم الذي سيتم التوزيع على أساسه أساسي جدا، بل هو جوهر عملية التوزيع، لذا نتساءل هنا: كيف يتم الحصول على هذا الحاصل الانتخابي؟ أي هل تتم العملية قبل إجراء التصويت أم بعد ذلك؟
دون أن نغوص في تفاصيل هذا الموضوع، نقول أنه من الممكن أن يتم التحديد مسبقا، عن طريق قسمة عدد أصوات الناخبين المسجلين على عدد المقاعد المتنافس حولها، لكن هذا سيؤدي إلى مشاكل متعددة، ذلك أن عدد المصوتين قد يكون قليلا، فيؤدي ذلك إلى ارتفاع المعدل وبالتالي عدم إمكانية أو صعوبة الوصول إلى هذا الحاصل الانتخابي.
لهذا، فإن التطبيق الأساسي لهذا الأسلوب يتم بعد إجراء عملية الاقتراع وفق القاعدة التالية:
الحاصل الانتخابي = عدد الأصوات المعبر عنها (مقسوم على) عدد المقاعد المتنافس حولها
وهكذا، فإن ببساطة، تحصل كل لائحة على عدد من المقاعد مساو لعدد المرات التي حصلت فيها على الحاصل الانتخابي وفق القاعدة التالية:
عدد المقاعد المحصل عليها لكل لائحة = عدد أصوات كل لائحة (مقسوم على ) الحاصل الانتخابي
لكن منطق الحساب، يبين أنه كلما قل عدد الأصوات المعبر عنها، إلا وكان الحاصل الانتخابي عاليا. وتبعا لذلك، فإنه سيصبح من اللازم البحث عن حلول لتوزيع كل المقاعد المتنافس حولها، وليس جزءً منها فقط.
إن تطبيق هذه القاعدة، يبين أنه كلما كانت الدائرة الانتخابية أصغر كلما بقيت هناك مقاعد غير موزعة، لذلك فإن توزيع المقاعد على الصعيد المحلي يمر بالضرورة عبر مرحلتين: التوزيع الأولي للمقاعد (أ)، تم توزيع المقاعد المتبقية (ب).
- أ – التوزيع الأولي للمقاعد: إن التوزيع الأولي هو الذي يتم على أساس الحاصل الانتخابي فلو افترضنا الحالة التالية في دائرة معينة:
عدد الأصوات المعبر عنها: 160 صوتا
عدد المقاعد المتنافس حولها: 5 مقاعد
عدد اللوائح المتنافسة: 5 لوائح
وكانت النتائج كما يلي:
اللائحة (أ): 54 صوتا؛ اللائحة (ب): 46 صوتا؛ اللائحة (ج): 30 صوتا؛
اللائحة (د): 16 صوتا؛ اللائحة (ه): 14 صوتا.
فإن التوزيع سيكون كما يلي:
الحاصل الانتخابي 160/5 = 32
اللائحة (أ): 54/32 = 1 (مقعد واحد)
اللائحة (ب): 46/32 = 1 (مقعد واحد)
أما اللوائح (ج) و (د) و (هـ)، فلم تحصل على أي مقعد لأنها لم تصل إلى الحاصل الانتخابي.
وقد سمينا هذا التوزيع بالأولي لأن عدد المقاعد الموزعة هو مقعدين فقط من أصل خمسة مقاعد، ومعنى ذلك أن هناك ثلاث مقاعد غير موزعة: فما هو الأسلوب الذي ينبغي اتباعه للوصول إلى توزيع كل المقاعد؟
- ب – توزيع البقايا: هناك طريقتين رئيسيتين: طريقة البقايا الكبرى (ب.1)، وطريقة المعدل الوسطي الأقوى (ب.2)، إضافة إلى أسلوب HONDT (وهو رياضي بلجيكي) والتي تؤدي إلى نفس الأسلوب الثاني (ب.3).
ب.1 البقايا الكبرى (طريقة أكبر بقية):
يعتمد هذا الأسلوب على فكرة استعمال بقية الأصوات التي لم يحصل بموجبها على مقعد ما. وهكذا يمنح المقعد الموالي للائحة التي بقي لها أكبر عدد من الأصوات غير المستعملة، تم المقعد الموالي لما بعدها… إلى أن يتم توزيع كل المقاعد.
فإذا عدنا إلى المثال السابق نجد أن التوزيع الأولي وبقايا الأصوات كان كما يلي:
اللائحة (أ) 54: مقعد واحد مقابل 32 صوتا، الباقي 22 صوتا غير مستعمل؛
اللائحة (ب) 46: مقعد واحد مقابل 32 صوتا، الباقي 14 صوتا غير مستعمل؛
اللائحة (ج) 30: غير مستعمل؛
اللائحة (د) 16: غير مستعمل؛
اللائحة (هـ) 14: غير مستعمل؛
وهكذا يمنح المقعد الثالث للائحة (ج) (30 صوتا) ولا يبقى لها أي صوت، يليها المقعد الرابع للائحة (أ) (22 صوتا)، تم يليها المقعد الخامس للائحة (ج) (16 صوتا)، وتصبح النتيجة النهائية كما يلي:
اللائحة (أ) : 2 مقاعد
اللائحة (ب) : مقعد واحد
اللائحة (ج) : مقعد واحد
اللائحة (د) : مقعد واحد
اللائحة(هـ) : 0
ب.2: المعدل الأقوى (طريقة أكبر معدل):
بموجب هذا الأسلوب، يمنح مقعد افتراضي لكل اللوائح بعد التوزيع الأولي، ثم يتم قسمة عدد الأصوات المحصل عليها على عدد المقاعد، فنحصل على معدلات يتم بموجبها إسناد المقعد الموالي، ويتم إعادة العملية للحصول على معدلات أخرى يتم بموجبها إسناد المقعد الموالي، وهكذا إلى أن يتم استنفاذ كل المقاعد الغير موزعة.
وبالرجوع إلى مثالنا، تصبح العملية كما يلي:
اللائحة (أ): 54 لها مقعد واحد إذن: 54/1+1 = 54/2 =27
اللائحة (ب): 46 لها مقعد واحد إذن: 46/1+1 = 46/2 = 23
اللائحة(ج): 30 لم تحصل على أي مقعد إذن: 30/0+1 = 30/1 = 30
اللائحة (د): 16 لم تحصل على أي مقعد إذن: 16/0+1 = 16/1 =16
اللائحة (هـ): 14 لم تحصل على أي مقعد إذن: 14/0+1 = 14/1= 14
وهكذا يسند المقعد الثالث للائحة (ج) التي حصلت على أعلى معدل (30)؛
وبإعادة العملية، ستتغير وضعية اللائحة (ج) فقط، لكي تصبح:
30/1+1 = 30/2 = 15
وسيصبح المقعد الرابعة من نصيب اللائحة (أ) التي حصلت على معدل 27، وعند إعادة العملية سيتغير وضع هذه اللائحة فقط لكي يصبح: 54/2+1= 54/3 = 18
وتبعا لذلك تصبح اللائحة (ب) صاحبة أعلى معدل (23)، فيسند لها المقعد الخامس والأخير، وتصبح النتيجة النهائية هي:
اللائحة (أ) : مقعدان؛
اللائحة (ب): مقعدان؛
اللائحة (ج) : مقعد واحد؛
اللائحة (د) : لا شيء؛
اللائحة (هـ): لا شيء.
مقارنة بين الأسلوبين:
البقايا | المعدل | |
أ | 2 | 2 |
ب | 1 | 2 |
ج | 1 | 1 |
د | 1 | 0 |
هـ | 0 | 0 |
إن القاعدة هنا هي أن أسلوب البقايا يكون لصالح الأحزاب الصغرى أما أسلوب المعدل فيكون لصالح الأحزاب الكبرى.
ب.3: أسلوب هوندت
إن هذا الأسلوب يؤدي إلى نفس نتائج المعدل الأقوى، والفرق الوحيد هو أن طريقة الحساب مختلفة وبسيطة؛ فيكفي قسمة عدد الأصوات المحصل عليها بالنسبة لكل لائحة على 1 ثم على 2 ثم على 3 ثم على 4… إلى غاية عدد المقاعد المتنافس حولها (5 في المثال السابق)، تم نرتب النتائج بشكل تنازلي ونتوقف عند الرقم الخامس، الذي يسمى الحاصل أو القاسم، وعندها تحصل كل لائحة على عدد من المقاعد مساو لما حصلت عليه من هذا الرقم.
وبتطبيق هذه العملية على المثال السابق سنحصل على الجدول التالي:
القسمة على 1 | القسمة على 2 | القسمة على 3 | القسمة على 4 | القسمة على 5 | |
أ | 54 | 27 | 18 | 13.5 | 10.8 |
ب | 46 | 23 | 15.3 | 11.5 | 9.2 |
ج | 30 | 15 | 10 | 7.5 | 6 |
د | 16 | 8 | 5.3 | 4 | 3.2 |
هـ | 14 | 7 | 4.6 | 3.5 | 2.8 |
وبترتيب الأرقام المحصل عليها بشكل تنازلي إلى غاية العدد الخامس (مادام أن المقاعد المتنافس حولها خمسة) نجد ما يلي: 54 ثم يليها 46 ثم 30 ثم 27 ثم 23.
وعلى ذلك فيكفي قسمة عدد الأصوات المحصل عليها بالنسبة لكل لائحة على 23 لنعرف مباشرة عدد المقاعد:
اللائحة (أ): 54/23 = 2
اللائحة (ب): 46/23 =2
اللائحة (ج): 30/23 = 1
اللائحة (د): 16/23 = 0
اللائحة (هـ): 14/23 = 0
وهكذا نعرف النتيجة مباشرة دون اللجوء إلى توزيع أولي بناء على الحاصل الانتخابي، ولا دون إعادة عملية التوزيع عدة مرات.
وتكمن أهمية هذا الأسلوب، في أنه يمكن معرفة النتائج من خلال جدول القسمة الأولي، دون اللجوء إلى عمليات القسمة الموالية. ولتوضيح ذلك، نقول أنه يكفي وضع علامة على المعدلات بشكل تنازلي إلى غاية المعدل أو الحاصل الذي يساوي عدد المقاعد المتنافس حولها، لتظهر النتيجة بشكل مباشر لاحظ المثالين التاليين:
هو المثال السابق، فجدول القسمة كان على الشكل الآتي:
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | |
أ | 54 * | 27 * | 18 | 13.5 | 10.8 |
ب | 46 * | 23 * | 15.3 | 11.5 | 9.2 |
ج | 30 * | 15 | 10 | 7.5 | 6 |
د | 16 | 8 | 5.3 | 4 | 3.2 |
هـ | 14 | 7 | 4.6 | 3.5 | 2.8 |
ويكفي هنا تأمل الجدول لتظهر النتيجة: 2-2-1-0-0
الفقرة الثانية: توزيع المقاعد داخل اللوائح
يمكن القول بصفة عامة، أن ترتيب المرشحين داخل اللائحة يؤثر على إسناد المقاعد، فالقاعدة العامة هي أن اللائحة التي تضم مثلا سبعة أسماء ولم تفز إلا بثلاث مقاعد، فإن الفائزين هم الثلاثة الأوائل. ويشكل هذا الأمر سلبية رئيسية لأن الناخب قد يكون منح تصويته لصالح لائحة معينة بناء على وجود اسم معين أو شخصية معينة ضمن هذه اللائحة دون أن يكون ترتيبه ضمن الثلاثة الأوائل.
رابعا: تقييم نظام التمثيل النسبي
إن الملاحظات الأساسية تتمثل فيما يلي:
أ) إن التمثيل النسبي المتكامل الذي يتم على الصعيد الوطني، يمنح فعلا فرصة لكل الهيئات والأحزاب للتواجد بالمؤسسة المعنية، لكن هذا لا يمنع من القول أن النتائج قد تتميز بسلبيتين على الأقل:
فمن ناحية أولى، فإن الهيئة المنتخبة قد تكون عبارة عن فسيفساء من الهيئات والأحزاب بشكل يصعب معه تأسيس تحالفات تضمن أغلبية مستقرة، مما يفتح المجال للأزمات الحكومية وصعوبات التصويت على مشاريع ومقترحات القوانين؛
ومن ناحية ثانية، فإن الناخب سيصبح تحت رحمة الاختيارات التي تقوم بها الهيئات المركزية الحزبية، فبعض المناطق داخل الدولة ستحس بأنها غير ممثلة داخل كل لائحة، مما سيؤثر على النتائج، ولذا فإنه يمكن بسهولة أن تُقصى مناطق معينة من التمثيلية، ولعل المثال الواضح على ذلك، هو التنافس بين لوائح تضم كلها أسماء حزبية بارزة مستقرة في عاصمة البلاد.
ب) إن التمثيل النسبي عن طريق اللوائح المحلية، يحل بعض الإشكالات السابقة، لكنه بدوره قد يؤثر على النتائج الإجمالية لسببين رئيسيين:
فمن ناحية أولى، فإن تطبيق أسلوب البقايا الكبرى أي الأصوات غير المستعملة سيؤدي إلى تكاثر الأحزاب الصغرى؛
ومن ناحية ثانية، فإن تطبيق أسلوب المعدل الأقوى سيقوي الأحزاب الصغرى، ويسحق تمثيلية الأحزاب الصغرى.
ج) أن ترتيب المرشحين داخل اللائحة، قد يجد له حلا من خلال أسلوبين مختلفين.
فمن خلال اعتماد الاقتراع التفاضلي، يمكن للناخب أن يعيد ترتيب المرشحين داخل نفس اللائحة التي صوت لصالحها؛
ومن خلال الاقتراع بواسطة اللائحة الممزوجة، يمكن للناخب أن يكون لائحة جديدة من بين مختلف الأسماء المرشحة ضمن مختلف اللوائح.
إلا أن هذه الإمكانيات، خاصة بالمجتمعات التي تنعدم فيها الأمية، لأنها تتطلب على الأقل معرفة القراءة والكتابة، وهو الأمر الذي لازالت بعض المجتمعات تحاول تجاوزه.
بن يونس المرزوقي
قم بكتابة اول تعليق